عمرو عبد الهادي يكتب :
بحكم نشأتي الصارمة , أصبحت أدقق التفاصيل , و أخاف الخطأ لأنه سيقودني
للإعتذار , و لا ضير في الإعتذار السريع ما دام الخطأ جاء سريعا أو بطيئاً , و
الحقيقة فيكل الأحيان اكون لائم لنفسي على أتفه خطأ , و شديد القسوة عليها لعدم
تكرار الخطأ , حتى و إن كان خطأ بسيط جدا , و هو ما انعكس على ممارساتي السياسية ,
فمثلاً في ازمة 30 يونيو و ما قبلها كنت دائم لوم المعارضة أكثر لأنهم مني و أنا منهم , لأن الحرية سلاح
ذو حدين إن لم يتم إستخدامها بعقل و حنكه و خبره يكون مصيرها إما فوضى أو غيرها
كما حدث في مصر من إنقلاب عسكري نتيجة تصادم الكتل المدنية فتجد الكتلة العسكرية
طريقها الى الحكم عبر إنقلاب عسكري , و هو ما يحدث دائما , فلو نظرنا إلى حكم
أتاتورك و أزمة أياصوفيا الشهيرة , التي حوله الإسلاميين إلى مسجد بعد أن كان
كنيسه , إلى ان جاء أتاتورك ليحوله من مسجد مستقر الى متحف , أي أنه برغم أن
المسيحيين ساعدوه مقدما و لكن علمانيته المعادية للأديان لم تجعله يعادي دينه فقط
بل يعادي الدين عموما حتى و إن إرتكز عليه سابقاً للوصول للحكم , أي إنه إنتهز
فرصة تعارك المسيحيين و المسلمين بين بقاؤه مسجد أو عودته لسيرته الاولى ككنيسه
لينقض على كليهما و يجعله متحف , و هو ما تكرر في الإنقلاب العسكري في مصر فالسيسي
إرتكز على السلفيين و المسيحيين ضد الإسلاميين المعتدلين و ضد الديموقراطية عموماً
في مصر , و ما لبس أن قاسى المسيحيين في جبل الطير , و السلفيين في منعهم من
الخطابة و إعتلاء المنابر , ثم وجه قبلته الأن الى اليهود لمساندته عالمياً , و إن
وجد ضالته مع الشيطان سيذهب إليه , و بعد كل هذا نجد الطرف المدني المنقلب عليه
منذ 30 يونيو لازال متصارع , و أتابع أقوالهم و تلاسنهم في الإعلام فالإخوان
يقولون إنهم لولا تعنت جبهة الإنقاذ و غيرها و التزموا بالممارسات الديموقراطية
لما حدث إنقلاب , و على الطرف الأخر نجد 6 ابريل و الإشتراكيين الثوريين و غيرهم
يقولون أن لولا تشبث الرئيس محمد مرسي و الإخوان بالسلطة ما حدث إنقلاب , ثم
يقولون للأخوان انتم من أتيتم بالسيسي الى وزارة الدفاع و يتناسوا أنهم هم من
رفعوا شأنه من وزير دفاع الى حاكم و باركوا تزوير إنتخاباته أمام أعينهم , و اقف
بين هذا و ذاك و أقول لنفسي , هل هناك فرق بين من فتح القمامة و بين من ألقاها على
الأرض , هذا هو الحال لقد فتح مرسي و أنصاره غطاء القمامة و أتي به وزيرا للدفاع ,
ثم أتي أشاوس المدنية ليكبوا القمامة على الأرض فيصبح الدكتاتور الأعظم بائع الوطن
و يتناسون أن هناك فصيلاً مثلي قد أضره الطرفان و كنا واقفين للطرفان بالمرصاد
خوفاً من الإنقلاب العسكري أو الإنقلاب على الديموقراطية و على ثورة يناير المجيدة
, و لكن طالتنا قاذورات الإنقلاب و أبحنا نجاهد خارج مصر حتى نستطيع رؤيتها مره
أخرى و بنائها بما يتناسب مع شعبها و عراقته , و ليس بما يتناسب مع فزاعة الأمن
القومي , و أيضاً كنا نقول للكتلة المعارضة للإخوان إدخلوا البرلمان و بالقطع
كانوا سيحوزوون على 40 مقعد على الأقل من إجمالي 450 مقعد و وقتها كانوا إستطاعوا
بالديموقراطية و ألياتها أن يحولوا محمد مرسي الى محكمة الجنايات أو يعزلوه , و
صراحتاً أن الإنقلاب كان أتياً أتياً بدون 30 يونيه أو به , و لكن كان يستطيع
الإخوان تلاشيه بالطبع أو بالأصح تأجيله الى مناسبه أخرى إن كانوا إستمعوا لنا
حينما أخبرناهم بتغيير الحكومة قبل 30 يونيه بما فيها وزير الدفاع السيسي و هذا
كان سيؤجل الإنقلاب ,و لكنه سيظل قيد التفعيل في أي ثغره , و بين هذا و ذاك نقف
حائرين لا نملك الا الصراخ نقف بين خطأ الإخوان المتمثل في بطئهم و بين الطرف
المعادي لكل ما هو بخلفية دينية بكل ما يملكون من عنجهية و صلابة رأي لا تستند إلا
على فراغ , لنقول لهم إتحدوا لأجل مصر ليس لأجلك أو لأجله و لكن توحدوا لأجل عماد
عفت و سالي زهران و علاء عبد الهادي و اسماء البلتاجي توحدوا لأجل مصر لننشئ
ديموقراطيه راسخه أساسها الديموقراطية الناشئة التي نبدأها بإذن الله بعد عودة
السيسي للقمامة .