الأحد، 5 أكتوبر 2014


عمرو عبد الهادي يكتب :
السيسي و القمامة
 
بحكم نشأتي الصارمة , أصبحت أدقق التفاصيل , و أخاف الخطأ لأنه سيقودني للإعتذار , و لا ضير في الإعتذار السريع ما دام الخطأ جاء سريعا أو بطيئاً , و الحقيقة فيكل الأحيان اكون لائم لنفسي على أتفه خطأ , و شديد القسوة عليها لعدم تكرار الخطأ , حتى و إن كان خطأ بسيط جدا , و هو ما انعكس على ممارساتي السياسية , فمثلاً في ازمة 30 يونيو و ما قبلها كنت دائم لوم المعارضة أكثر لأنهم مني و أنا منهم , لأن الحرية سلاح ذو حدين إن لم يتم إستخدامها بعقل و حنكه و خبره يكون مصيرها إما فوضى أو غيرها كما حدث في مصر من إنقلاب عسكري نتيجة تصادم الكتل المدنية فتجد الكتلة العسكرية طريقها الى الحكم عبر إنقلاب عسكري , و هو ما يحدث دائما , فلو نظرنا إلى حكم أتاتورك و أزمة أياصوفيا الشهيرة , التي حوله الإسلاميين إلى مسجد بعد أن كان كنيسه , إلى ان جاء أتاتورك ليحوله من مسجد مستقر الى متحف , أي أنه برغم أن المسيحيين ساعدوه مقدما و لكن علمانيته المعادية للأديان لم تجعله يعادي دينه فقط بل يعادي الدين عموما حتى و إن إرتكز عليه سابقاً للوصول للحكم , أي إنه إنتهز فرصة تعارك المسيحيين و المسلمين بين بقاؤه مسجد أو عودته لسيرته الاولى ككنيسه لينقض على كليهما و يجعله متحف , و هو ما تكرر في الإنقلاب العسكري في مصر فالسيسي إرتكز على السلفيين و المسيحيين ضد الإسلاميين المعتدلين و ضد الديموقراطية عموماً في مصر , و ما لبس أن قاسى المسيحيين في جبل الطير , و السلفيين في منعهم من الخطابة و إعتلاء المنابر , ثم وجه قبلته الأن الى اليهود لمساندته عالمياً , و إن وجد ضالته مع الشيطان سيذهب إليه , و بعد كل هذا نجد الطرف المدني المنقلب عليه منذ 30 يونيو لازال متصارع , و أتابع أقوالهم و تلاسنهم في الإعلام فالإخوان يقولون إنهم لولا تعنت جبهة الإنقاذ و غيرها و التزموا بالممارسات الديموقراطية لما حدث إنقلاب , و على الطرف الأخر نجد 6 ابريل و الإشتراكيين الثوريين و غيرهم يقولون أن لولا تشبث الرئيس محمد مرسي و الإخوان بالسلطة ما حدث إنقلاب , ثم يقولون للأخوان انتم من أتيتم بالسيسي الى وزارة الدفاع و يتناسوا أنهم هم من رفعوا شأنه من وزير دفاع الى حاكم و باركوا تزوير إنتخاباته أمام أعينهم , و اقف بين هذا و ذاك و أقول لنفسي , هل هناك فرق بين من فتح القمامة و بين من ألقاها على الأرض , هذا هو الحال لقد فتح مرسي و أنصاره غطاء القمامة و أتي به وزيرا للدفاع , ثم أتي أشاوس المدنية ليكبوا القمامة على الأرض فيصبح الدكتاتور الأعظم بائع الوطن و يتناسون أن هناك فصيلاً مثلي قد أضره الطرفان و كنا واقفين للطرفان بالمرصاد خوفاً من الإنقلاب العسكري أو الإنقلاب على الديموقراطية و على ثورة يناير المجيدة , و لكن طالتنا قاذورات الإنقلاب و أبحنا نجاهد خارج مصر حتى نستطيع رؤيتها مره أخرى و بنائها بما يتناسب مع شعبها و عراقته , و ليس بما يتناسب مع فزاعة الأمن القومي , و أيضاً كنا نقول للكتلة المعارضة للإخوان إدخلوا البرلمان و بالقطع كانوا سيحوزوون على 40 مقعد على الأقل من إجمالي 450 مقعد و وقتها كانوا إستطاعوا بالديموقراطية و ألياتها أن يحولوا محمد مرسي الى محكمة الجنايات أو يعزلوه , و صراحتاً أن الإنقلاب كان أتياً أتياً بدون 30 يونيه أو به , و لكن كان يستطيع الإخوان تلاشيه بالطبع أو بالأصح تأجيله الى مناسبه أخرى إن كانوا إستمعوا لنا حينما أخبرناهم بتغيير الحكومة قبل 30 يونيه بما فيها وزير الدفاع السيسي و هذا كان سيؤجل الإنقلاب ,و لكنه سيظل قيد التفعيل في أي ثغره , و بين هذا و ذاك نقف حائرين لا نملك الا الصراخ نقف بين خطأ الإخوان المتمثل في بطئهم و بين الطرف المعادي لكل ما هو بخلفية دينية بكل ما يملكون من عنجهية و صلابة رأي لا تستند إلا على فراغ , لنقول لهم إتحدوا لأجل مصر ليس لأجلك أو لأجله و لكن توحدوا لأجل عماد عفت و سالي زهران و علاء عبد الهادي و اسماء البلتاجي توحدوا لأجل مصر لننشئ ديموقراطيه راسخه أساسها الديموقراطية الناشئة التي نبدأها بإذن الله بعد عودة السيسي للقمامة .