الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

عمرو عبد الهادي يكتب : - أبايع الخليفة البغدادي !



في يوم 13 نوفمبر 2013 ، و قبل أن أغادر من مصر إلى لبنان ، اتصل بي احد معدي قناة سكاي نيوز الإيطالية ، و طلب مني إجراء مقابلة كاحد المعارضين لهذا الإنقلاب العسكري ، و أثناء المقابلة سألني المراسل الإيطالي سؤالاً مباشراً " ماذا تقول عن عنف و إرهاب جماعة الإخوان المسلمين وقتها ؟

فأجبته على الفور " أي إنسان مع إختلاف أيديلوجيته سواء كان يساري أو ليبرالي أو علماني أو يهودي أو مسيحي أو إسلامي تمنعه الدولة من العمل فوق الأرض فمن المؤكد أنه سيحمل سلاحا و يعمل خلف الدولة و تحت الأرض في دلالة صريحة على أن العدالة الإجتماعية هي الحل ، و هنا انهى المقابلة دون إكمالها و أعتقد أنه لم يذيعها من الأساس . 

        نحن بدأنا ثوراتنا سلمية سواء ثورة تونس أو اليمن أو مصر أو سوريا و يشهد العالم أن أول من تحرك هم الليبراليون أنفسهم و كانت ثورات كرامة بالأساس ، و لكن انحياز العالم للأنظمة الفاسدة الدكتاتورية التي صنعهتا جعل التجربة المباركية تتكرر فكما نجح مبارك في محو الطبقة الوسطى و تلاشيها و اختفاءها و هو نفس السيناريو حدث و لكن مع الطبقة الوسطى المفكرة منذ اندلاع الثورات في العالم العربي ، و انحياز العالم الغربي للأنظمة التي جاءت من أقصى اليسار المتطرف لتقضي على اليمين المتطرف , و في طريقها جعلت هذا اليمين المتطرف المحتمل واقع مرير ولكنه مقبول لدى البعض ، و إذا كان محتمل فالأنظمة العسكرية ليس بها محتمل فكلها دكتاتورية متطرفة دموية عاشرناها عشرات السنين ، و أثناء مضي تلك الأنظمة للقضاء على اليمين المتطرف فأتت على الأخضر و اليابس , فدهست في طريقها اليمين المعتدل بل أكثر من ذلك لقد قضت على اليسار المعتدل أيضاً , و جعلت كل من كان يؤمن بالتغيير السلمي يكفُر به ، و بالوقت رأينا سوريا تحولت إلى عنف صريح و إقتتال , و قبلها ليبيا آملين أن يحمى الله مصر و يديم علينا سلميتنا . 

        مع مرور الوقت اصطدمت بشخصيات ليبرالية و علمانية لم يجدوا لوسطيتهم مجالا فذهبوا طواعية إلى اليمين المتطرف هروباً من اليسار المتطرف , ولعل أبسط مثال زميلنا أحمد الدروي رحمه الله الذي توفاه في صفوف داعش فقد كان ضابطا في وزارة الداخلية المصرية ثم ثوريا منذ اندلاع الثورة إلى أن قام الإنقلاب و ظهرت داعش , و هذا ما سيتكرر مع أهل سيناء , و لنا في سيناء أسوة ، هل يشك احد بعد كل الظلم الذي مر به أهلها , و هذا التهجير القسري , أن ينحاز أهلها للسيسي إن دخلت الدولة الاسلامية مصر , إن ما فعله السيسي جعل 250000 مواطن مصري سيناوي سينضموا إلى تنظيم الدولة هرباً من بطش السيسي و ظلمه . 

       لقد التف الغرب على بكارة الثورات السلمية , و جعل من أنظمة وسطية ثيران لن يوقفها مصارع , و نيران ستطول ألسنة ألهبتها الجميع , و السؤال الأن كم خلف السيسي و باقي الأنظمة من وسطيين خلفه مستعدين أن يحملوا سلاحا ليثأروا لأنفسهم ؟ و كم ليبرالي و علماني أصبح الأن في سوريا و مصر مستعدون تفجير أنفسهم في بشار و السيسي ؟ إن هذا السؤال مطروح للعقلاء إن تبقى منهم احدا ،  و من يشعل النيران في الأخر لا يتعجب كيف حرقته . الجزيرة مباشر مصر - مقالات ودراسات - أبايع الخليفة البغدادي!