الأحد، 20 نوفمبر 2011


أجواء يناير تعود إلى ميدان التحرير



 أنس زكي-القاهرة

تسارعت الأحداث في ميدان التحرير المصري بشكل مثير خلال الساعات الماضية وسقط مئات المصابين سواء في الميدان أو الشوارع المؤدية إليه، فيما بدا المشهد وكأن أجواء يناير/كانون الثاني الماضي قد عادت إلى الميدان الذي انطلقت منه الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بعد ثلاثين عاما قضاها في السلطة.
الميدان كان قد استعاد ذاكرة المظاهرات المليونية الجمعة عندما احتشد فيه مئات الآلاف من المصريين للاعتراض على وثيقة المبادئ الدستورية، وللمطالبة بسرعة نقل السلطة إلى المدنيين من المجلس العسكري الذي تولاها عقب اضطرار مبارك للتنحي تحت ضغط الثورة الشعبية.
ومع نهاية يوم الجمعة اتفقت أغلبية المشاركين في المظاهرة والذين كان للقوى الإسلامية النصيب الأكبر منهم على مغادرة الميدان، لكن عددا قليلا لا يتجاوز العشرات قرر الاعتصام بالميدان حتى تحقيق مطالبهم وكان معظمهم من مصابي ثورة 25 يناير/كانون الثاني.
وبدأت فصول مشهد جديد مع الساعات الأولى من صباح السبت، فالشرطة -التي يشكو المصريون في الفترة الأخيرة من غيابها وتراخيها بشكل أخل بالأمن وعزز الفوضى- عادت لتظهر بقوة وكثافة ولكن هذه المرة لإجبار المعتصمين القلائل على مغادرة الميدان.
تمسك بالاعتصام
المعتصمون رفضوا المغادرة وأكدوا أنهم يتجمعون في حديقة وسط الميدان ولا يتسببون في أي تعطيل للمرور لكن الشرطة أصرت على موقفها واشتبكت مع المعتصمين الذين استنجدوا برفاقهم فبدأت موجات من الشباب بالعودة إلى الميدان مما أشعل الموقف وسط هتافات تشبه تلك التي كانت تنطلق ضد نظام مبارك لكنها باتت تستهدف المجلس العسكري وتطالب بسرعة رحيله.
إصرار الشرطة على المواجهة والغضب المتصاعد بين المتظاهرين أشعل الموقف، وغابت السلطات الحاكمة عن المشهد فلم تصدر أي تصريحات أو بيانات تساعد على التهدئة، بينما تواصل سقوط الضحايا حيث وصل عدد  المصابين إلى نحو 700 شخص توفي أحدهم لاحقا قبل أن ترد الأنباء من الإسكندرية التي شهدت مظاهرات مشابهة بسقوط قتيل آخر.
الجزيرة نت تجولت في الميدان أثناء الليل وكانت النغمة الأبرز بين المعتصمين هي أن أجواء الثورة عادت من جديد وأن السلطات الحالية والتلفزيون المحلي يذكيان نار الغضب بعودتهما لنفس نغمة التصريحات القديمة التي تذكر بأيام مبارك.
وقال المنسق العام لائتلاف الثائر الحق، عمرو عبد الهادي للجزيرة نت إنه كان ممن غادروا الميدان عقب مليونية الجمعة لكنه عاد مع رفاقه في الائتلاف بعدما شاهد ما وصفه بالعنف غير المبرر ضد مصابي الثورة وأهالي شهدائها، مؤكدا أن المعتصمين لن يغادروا الميدان حتى يتم تنفيذ مطلبهم الرئيسي وهو الرحيل الفوري للمجلس العسكري.
انتقاد الإعلام
وحمل عبد الهادي بشدة على التلفزيون المصري وقال إنه عاد لما كان عليه أيام الرئيس المخلوع من وصف للمتظاهرين بأنهم من مثيري الشغب، لكنه أضاف ساخرا أن هذا هو المنتظر بعدما اختار المجلس العسكري محررا عسكريا ليشغل منصب وزير الإعلام وذلك في إشارة إلى الوزير الحالي أسامة هيكل.
وطوال الليلة الماضية استمرت عمليات الكر والفر بين الشرطة والثوار بشكل تشابه كثيرا مع ما كان يحدث أيام الثورة، بينما انتظر المصريون تدخلا من الجيش وهو ما تأخر حتى منتصف الليل عندما خرج عضو المجلس العسكري اللواء محسن الفنجري باتصالات هاتفية مع بعض القنوات المحلية لينتقد الاعتصامات ويعتبر أن الهدف منها هو هز موقف الجيش.
واعتبر الفنجري أن مصابي الثورة المعتصمين لم يتحركوا من تلقاء أنفسهم وإنما تلقوا أموالا من بعض "العناصر المندسة" التي استغلت حاجتهم للمال، كما لام الأحزاب السياسية وقال إنها تسعى جميعا وراء المناصب والأهداف الخاصة دون النظر إلى ما وصفه بالدور الوطني لاستقرار مصر.
وانتقد الفنجري مليونية الجمعة الماضية وتساءل مستنكرا عن أهدافها، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستجرى في موعدها ولن يتم تأجيلها، مضيفا أن القوات المسلحة ستعود إلى ثكناتها قبل نهاية عام 2012 لكنه ربط ذلك بأن "تسير الأمور بشكلها الطبيعي".
لكن التصريحات داخل ميدان التحرير كانت مختلفة، فقد حمّّل المرشح الرئاسي المحتمل د. محمد سليم العوا المجلس العسكري والحكومة مسؤولية ما حدث وذلك خلال زيارته للميدان الليلة الماضية، في حين ناشد مرشح آخر هو الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المتظاهرين عدم مغادرة الميدان، مؤكدا ضرورة الاعتصام حتى تتحقق مطالب الشعب.
ميدان التحرير أصبح تحت سيطرة المتظاهرين الذين تتزايد أعدادهم، وسط تأكيد من منسقة ثوار الإعلام انتصار غريب للجزيرة نت بأن الاعتصام سيستمر، في حين يستمر غياب مواقف واضحة للقوى السياسية اللهم إلا مطالبات بتشكيل حكومة إنقاذ وطني ذات صلاحيات حقيقية، لتبقى الساعات المقبلة حبلى بتطورات ربما تكون مفاجئة كأحداث الأمس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم في مدونه الثائر الحق